معالجة الجانب المفقود في الرعاية الصحية الشاملة: الجراحة الآمنة

Categories: Uncategorized

أدت الحرب الأهلية السورية، منذ عام 2011 وحتى الآن، إلى قتل ما لا يقل عن 400000 شخص وإصابة مليوني شخص تقريبًا. وتُستهدف المستشفيات والبنية التحتية في الغالب، وخاصة عند الحاجة المحلة إلى تلقي مساعدة طبية. ومن ثمَّ فإن أكبر مشكلتيْن تواجههما الفرق الجراحية هما الوصول إلى الجرحى خلال “الساعة الذهبية” الحاسمة والتحدي المتمثل في الحفاظ على بقاء أماكن العمليات الجراحية معقمة في بيئات معادية للعمليات.

 لا تقتصر هاتين المشكلتين على سوريا التي مزقتها الحرب فحسب. ولا تتوفر الرعاية الجراحية في مناطق النزاعات والأماكن المتضررة من الكوارث الطبيعية وغيرها من الظروف القاسية. وحتى عند توفرها، فإن هناك احتمالية كبيرة للغاية للإصابة بالعدوى أثناء الجراحة في مثل هذه البيئات: ما يصل إلى ثلثي المرضى يصابون بعدوى الجروح العميقة، منها 80% ناتج عن الإعدادات غير المعقمة أثناء العمليات الجراحية. تضاعف العدوى من خطر الوفاة وتزيد من فترات الإقامة في المستشفيات وتكاليفها، ما يؤدي إلى تفاقم الفجوات في القدرات اللازمة. ولا تقتصر الحاجة إلى الرعاية الجراحية على إصابات الحرب. تستمر الإصابة بأمراض مثل التهاب الزائدة الدودية والمرارة أثناء النزاعات – ولكن مع تدمير البنى التحتية أو عدم وجودها، فإن الأمراض البسيطة والقابلة للعلاج تتسبب في وفاة البشر أو تصيبهم بإعاقة مدى الحياة.

 واليوم هو اليوم الدولي للرعاية الصحية الشاملة، يوم مخصص لفكرة أنه ينبغي توفير رعاية صحية عالية الجودة وبأسعار معقولة لكل شخص وفي أي مكان. وفقًا لما توضحه هذه الإحصائيات، فإن أحد الجوانب المهملة – ولكنه قابل للحل – في الرعاية الصحية الشاملة هو مسألة توفير الجراحة الآمنة.

 يتوفى 18 مليون شخص سنويًا بسبب حالات يمكن علاجها جراحيًا مثل الإصابات أو حالات نزيف ما بعد الولادة أو الفتق. توجد حاجة ماسة إلى حلول جديدة، ولكن يتم تخصيص ما يقل عن 1% من المساعدات الإنسانية للاستثمار في الابتكارات. على الجانب الآخر، من المتوقع أن يؤدي توسيع نطاق الوصول إلى الجراحة الآمنة إلى أهداف منظمة الصحة العالمية إلى تحقيق 12.3 تريليون دولار أمريكي في الاقتصاد العالمي بحلول عام 2030، وذلك ببساطة من خلال الحفاظ على حياة الأشخاص وصحتهم وإنتاجيتهم.

 في عام 2018، قدمت مبادرة التحدي الانساني الكبير تمويلًا لشريك جديد يعالج مشكلة الوصول إلى الجراحة الآمنة بطريقة مبتكرة: “غرفة عمليات جراحية صغيرة ” قابلة للنفخ يمكن وضعها في حقيبة ظهر لتمكين إجراء عمليات جراحية آمنة في أي وقت وأي مكان.

 

 SurgiBox منتج سهل الحمل: يمكن وضعه في حقيبة ظهر ويبلغ وزنه 7 كجم.

 

 لقد قامت الدكتورة/ ديبي لين تيودوريسكو، مؤسس SurgiBox، بتطوير SurgiBox بعد سماع أستاذها الجامعي وهو يصف صعوبة الحفاظ على تعقيم البيئة الجراحية عند طرد الذباب خلال الأزمة التي حدثت بعد زلزال هايتي. وقد أشار أستاذ آخر، وهو الدكتور ديفيد آر. كيند الذي سيصبح مدير الجراحة في SurgiBox، أنه عند العمل في أماكن مثل أفغانستان، يصبح العمل باستخدام مصابيح الرأس أثناء الركوع على الأرض مجرد جزء من العمل؛ لكن العواصف الترابية المتكررة تعرض المرضى للخطر أثناء العملية الجراحية نظرًا لأن الأتربة يمكنها أن تتسبب في إصابة المرضى بالعدوى. أثناء حلول العصف الذهني، بدأت ديبي في التساؤل حول افتراض أن منطقة الجراحة يمكن أن تكون غرفة عمليات فحسب. وبدلًا من ذلك، اختارت التركيز على موضع الشَّقِّ نفسه والمجال الجراحي المباشر فوق المريض.

 ينصب تركيز SurgiBox على البيئة الدقيقة الجراحية. وتقوم الفرق الجراحية بإحكام إغلاق فقاعة شفافة من البلاستيك على جلد المريض وتعمل من خلال منافذ. وتظل الفقاعة نظيفة من خلال نظام تدفق هواء مفلتر وتحمي الفِرق من السوائل المتناثرة – والتي تتسبب في عدوى 85000 مقدم خدمات سنويًا.

 تشهد SurgiBox الآن جيلها السادس من التطوير في مختبر D-Lab في معهد ماساتشوستس للتقنية وقد خضعت للاختبار واختبار العوامل البشرية. تعد سهلة الحمْل للغاية، حيث يبلغ وزنها 7 كجم، ما يسمح بنشرها الفوري في أي موقع. تستطيع الفرق الجراحية الآن أن تتحلى بالمرونة وتتجنب جذب الهجمات – وهو عيب مؤسف للخيام والشاحنات وغيرها من الهياكل شبه المحمولة التي غالبًا ما تستخدم في طب الطوارئ أثناء الأزمات الإنسانية. إضافة إلى ذلك، على عكس الهياكل شبه المحمولة، لا تعتمد SurgiBox على تكاليف أولية مرتفعة وتكاليف الصيانة والعوامل الخارجية المختلفة مثل الطرق ووقت الإعداد والحمولة المادية. والأفضل من ذلك، تُظهر الاختبارات أن مجال SurgiBox المعقم أكثر نظافة من معظم غرف العمليات الحديثة، حتى في البيئات مرتفعة الجسيمات.

 من المؤكد أن أي ابتكار يعد مفيدًا لأنه يتم استخدامه ومناسب لإدراجه ضمن المعدات الصحية العالمية وكذلك في الأنظمة الحالية. لقد دخلت SurgiBox مؤخرًا في دورة تطوير مشتركة مع مؤسسة “أطباء بلا حدود” في سويسرا (MSF). وتهدف هذه الشراكة إلى تحسين المنتج ليتناسب بشكلٍ وثيق مع حاجة القطاع الإنساني. وبالتوازي مع ذلك، تتعاون SurgiBox مع المستشارة الدكتورة/ مينا شيريان، الرئيسة الفخرية لبرنامج الطوارئ والرعاية الجراحية الأساسية التابع لمنظمة الصحة العالمية ومؤسس مؤسسة جنيف للتعليم والأبحاث الطبية (GFMER).

 نأمل أن هذا هو الجيل الذي ستتوفر خلاله الجراحة الآمنة في الرعاية الصحية الشاملة، وذلك بفضل الجهود الحماسية لعدد لا يحصى من الأفراد في مبادرة التحدي الانساني الكبير ومؤسسة MSF ومؤسسة GFMER والعديد من المنظمات غير الحكومية الأخرى والمؤسسات الأكاديمية والطبية ووزارات الصحة والقطاعات الحكومية الأخرى.

 مثلما تعد هذه القوى الراسخة حاسمة في دفع هذا الهدف الطموح، فكذلك الدعم الفردي أيضًا. نتلقى باستمرار رسائل لطيفة من جميع أنحاء العالم إلى [email protected] تسأل عن كيفية معرفة المزيد وكيفية المساعدة. دورات تدريبية مجانية تقدمها مؤسسة GFMER مثل “الطوارئ والرعاية الجراحية في الرعاية الصحية الشاملة” للراغبين في تطبيق المعرفة القائمة على الأدلة على خدماتهم السريرية والتأثير في سياسة الصحة العامة وصنع القرارات المناصرة. جمعت لجنة لانسيت للجراحة العالمية و منظمة الصحة العالمية ملخصات ومعلومات عامة عن السياسات. تقدم الحركات الشعبية من كليات الطب في جميع أنحاء العالم قوة دافعة وتدريبًا حاسميْن. وهذا هو الوقت المناسب لنعبر عن احتياجنا إلى حصول الجراحة والابتكار الإنساني على الموارد والاهتمام اللازمين لضمان أنه، بغض النظر عما إذا كان شخص قد مرِض أو أصيب في بوسطن أو سوريا، يمكنهم الحصول على العلاج المنقذ للحياة الذي يحتاجونه.

 تعد SurgiBox أحد المبتكرين المدعومين من التحدي الانساني الكبير.

  • Dr. Debbie Lin Teodorescu